الحمد لله رب العالمين .. الآية من سورة النور .. نزلت في حادثة الإفك التي كادت ان تهدم البيت في اساسه .. بيت الإسلام .. وقد كانت فتنه .. فتنة شديدة .. اصيب بها رسول الله خير خلق الله صلى الله عليه وسلم .. والصديقة بنت الصديق ام المؤمنين عائشة بنت ابي بكر .. والصديق ابي بكر .. اول من شهد بالإسلام وأول من صدق النبي حين كذبه الناس كلهم .. ورفيق النبي في هجرته .. وسائر المسلمين والمسلمات وكاد ان يقوم الناس ويقتتلون .. وكل ذلك بسبب أناس سيئة بغيضة .. منافقه

لقد كان المنافقين وهم الذين في صف المسلمين الظاهر اسلامهم الذين يظهرون عكس ما يبطنون .. وبعض المسلمين الذين ضعفوا واخطأوا .. سبب اشعال النار .. فمن لسان الي لسان ومن ظن الي ظن ومن سئ الي اسوأ .. اصبحت فتنه شديدة .. وخيم الحزن والكرب على كامل بيت النبي وكامل بيوت المؤمنين .. ومنهم من ضرب به المثل في القرآن .. ليكونون امثله يحتذى بها الي ان يشاء رب الأرض والسماوات

العجيب على قدر ما تقرأ من امثلة للثبات والثقة والإيمان .. تقرأ امثلة للكذب والنميمة والقذف .. ومن اين .. من صف المسلمين نفسه .. من بعض الصف الاول الذي يصلي خلف رسول الله .. بل ومن داخل البيت نفسه .. لقد كان الكلام من صفوف المسلمين اكثر من الكلام في صفوف المشركين والكافرين .. وهذا هو العجيب ان اذى النبي .. لم يكن من الخارج بل كان من الداخل .. صلى الله عليه وسلم .. أوذي من الجميع .. من اعداءه .. ومن اصحابه .. والحمد لله رب العالمين باعث رسول الهداية للناس اجمعين الذي قال "رحم الله اخي موسى لقد اوذي اكثر من هذا فصبر" .. فأي طعنة كانت في النبي موسى .. وطعنة النبي من داخل اصحابه تدمي القلوب .. ومازالت حتى الآن اصدائها تتردد في الوديان .. ويرددها الجهال والعميان .. ويسوقها الأعداء والمنافقين .. ويصدقها اصحاب الشيطان .. ويقلدها الناس الا من رحم رب الجنة والناس .. عز وجل

شخصيات كانت في محور القصة .. كل له موقفه وكل له غاتيه وكل له جزاءه

مسطح بن اثاثة: كان ابو بكر الصديق ينفق عليه لقرابته له وفقره الشديد .. ومع ذلك كان ممن تكلموا على ام المؤمنين عائشة

ام مسطح بن اثاثة (ابنة ‏‏أبي رهم بن عبد مناف): كانت مع أمنا عائشة حين قالت تعس مسطح فسألتها امنا عائشة عن سبب قولها فأخبرتها عن قول الإفك .. فازدادت مرضا على مرضها

حمنة بنت جحش (أخت زينب بنت جحش ام المؤمنين): كانت ممن خاضوا في الإفك .. وكانت ام المؤمنين زينب تتألم من كلام اختها

ابو ايوب وام ايوب الأنصاريين: قالت أم أيوب لأبي أيوب الأنصاري :( الا تسمع ما يقول الناس في عائشة)... قال :( بلى وذلك كذب أفكنت يا أم أيوب فاعلة ذلك ؟)...قالت :( لا والله )...قال :( فعائشة والله خير منكِ )... فلمّا نزل القرآن وذكر أهل الإفك ... قال الله تعالى : (ولولا اذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا افك مبين)

صفوان بن المعطل: الذي فعل شيئا يندر به الزمان .. حمل أمه ام المؤمنين زوجة النبي صلى الله عليه وسلم من وسط الصحراء لم يتكلم معها ولم ينظر لها عندما عرفها واناخ لها راحلته .. واوصلها للنبي صلى الله عليه وسلم .. هذا الرجل الذي مات شهيدا في عهد عمر بن الخطاب في معركة ارمينية وقيل مات في الجزيرة وقيل انه استشهد في خلافة معاوية .. هذا الرجل النبيل الذي قال عنه رسول الله "ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي"

رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائشة بنت ابي بكر: ذهب إلى السيدة عائشة فى بيت أبيها أبى بكر الصديق و قال لها : يا عائشة : إن كنتى قد اصبتى ما يقولون فتوبى إلى الله و استغفريه , فنظرت السيدة عائشة لأبيها ابى بكر و امها و قالت لهم : آلا تجيبان ؟ فقال لها ابى بكر : والله ما ندرى ما نقول , فقالت لهم السيدة عائشة : والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت ابداً , والله يعلم أنى بريئة , ووالله ما اقول اكثر مما قال أبو يوسف (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون) , و هنا نزل الوحى على النبى و أخبره ببراءة السيدة عائشة من هذة الحادثة الشنيعة و أنزل الله فى هذا الموقف قرآناً , قال تعالى (إن الذين جاءو بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم) و هنا تبشر الرسول و أبتسم و أخبر عائشة رضى الله عنها فقالت لها أمها : آلا تشكرى رسول الله ؟ فقالت لها السيدة عائشة رضى الله عنها : بل أشكر الله الذى برءنى و أنزل فى قرآنا يبرءنى من هذا الذنب العظيم.

لقد كانت فتنة شديدة وكادت تفرق بين المسلمين وكادوا ان يقتتلوا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم .. لكن الله الحق لا يرضى الا الحق .. والله حرم الظلم على نفسه .. وسيظهر الحق .. وسيزهق الباطل ايا كان .. ممن كان .. كيفما كان

لقد انتهى الموقف وانتهت الفتنة .. ولكن تبقى العبر والعظات .. والنتائج والإستفادات ..

لقد اوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه وفي بيته وفي بيت صديقه ومن داخل الصف المسلم كانت الطعنات تتوالي .. ولذلك الداعية يجب ان يعلم ان الإيذاء سيكون من الداخل أكثر من الخارج

لقد صدق رجال منافقون هذه الإفتراءات بل وعملوا على نشرها .. فقد كانوا ينتظرون مثلها ليطعنوا في بيت النبي صلى الله عليه وسلم حتى تتحقق اطماعهم .. وتزدهر سلطاتهم

لقد قام رجال مسلمون ونساء مسلمات بتصديق وترديد ما قيل من الإفك .. وهذا ان دل يدل على تغرير الشيطان بهم وان لا كبير على الشيطان .. حتى وإن كانوا ابطالا ممن شهدوا بدرا

لقد ظن كثير من الناس بأنفسهم خيرا وهم المؤمنون الذي بكوا لما يحدث من الفتنة .. وتألموا لألم رسول الله .. وسكتوا واعرضوا عن ابواب الفتنة .. فأي بيت يتكلمون عنه .. انهم يتكلمون عن رسول الله لهم وزوجاته أمهات المؤمنين

وقد كان فعل امنا عائشة افضل الاعمال .. ولقد نصرها الله للجوئها له .. رغم انه رسوله والذي هو زوجها ونبيها .. معها .. ولذلك فإن من يصبر ويستعن بالله .. يجد له النصير والمعين والملجأ والمعز وهو الله نفسه .. (إياك نعبد وإياك نستعين)

ايها الداعية المسلم اعلم ان الأذى سيلحق بك من بيتك ومن بين إخوانك وبإخوانك وبالمفسدين من اخوانك وممن حولك وممن لك صله بهم وسينصرك الله عز وجل .. "فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون"